نظّمت بلدنا- جمعيّة الشباب العرب وجمعيّة كيان- تنظيم نسوي، أمس السبت، مؤتمرًا لمناهضة قتل النساء في قاعة سينمانا بالناصرة، بدعم من الاتحاد الأوروبي وذلك بحضور مئات المشاركين والمشاركات من مختلف البلدات والمناطق.
افتتح المؤتمر بكلمة ترحيبيّة لعضو مجموعة مناهضة قتل النساء في أم الفحم، عمر سمير، ممثلاً عن جمعيّة بلدنا، ولعضو منتدى جسور القطري، سميرة عزّام، ممثلةً عن جمعيّة كيان. إذ أكد العريفان على أن "المؤتمر جاء ليُطلق صرخة وليضع موضوع قتل النساء على الأجندة العامّة، وهو نتاج لعمل مكثّف على مدار أكثر من عامين ونيّف بين نساء منتدى جسور وجمعيّة كيان وشبيبة جمعيّة بلدنا". وأضافا أن " المشروع لم يولد من فراغ، بل نتيجة لواقع اجتماعي مأساوي، خاصّة وأن المعطيات تُشير إلى أن 55% من الشباب العرب في البلاد يؤيدون قتل النساء على خلفيّة ما يُسمّى بـ "شرف العائلة". بناءً على ذلك، وُلد هذا التعاون والعمل المُشترك بين هاتين الفئتين في المجتمع، الشبيبة والنساء".
تلاها عرض لمشروع مناهضة قتل النساء المُشترك بين الجمعيتين، إذ تطرّقن مركّزات المشروع، قمر طه من جمعيّة بلدنا ومنى محاجنة من جمعيّة كيان، إلى أهداف المشروع والبرامج والفعاليات التي نُظّمت من خلال العامين الأخيرين.
قدّمت مجموعة مناهضة قتل النساء في جمعيّة كيان عرضًا بعنوان "وميض امرأة" والذي يتحدّث عن قصص لنساء سلبهن حقّهن بالحياة، إضافة إلى تقديم فقرة بعنوان "بالأمس أهداني زهرة" والتي تناولت قصّة امرأة تعرّضت للعنف حتى قتلت بنهاية الأمر.
وقدّمت شبيبة عرعرة وشبيبة الناصرة من جمعيّة بلدنا عرضًا لأشعار غاضبة حول قتل النساء، طرحوها بشكلّ مميزّ ومختلف. بالإضافة إلى مجموعة شبيبة أم الفحم التي قدّمت عرضًا مسرحيًّا وعرضًا شعريًّا.
تضمّن المؤتمر محاور عديدة، تهدف إلى طرح قضيّة قتل النساء ومناهضتها في المجتمع العربي من جوانب مختلفة، منها المجتمعيّة والسياسيّة والإعلاميّة.
افتتح المحور الأول، والذي كان تحت عنوان "دور المجتمع المدني من ظاهرة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني"، بمداخلة لمُيسّرة المحور، راوية لوسيّا- شمّاس، من جمعيّة كيان، والتي عرضت معطيات من أرض الواقع وبناءً على قراءة للعمل الجماهيري والمدني في المجتمع الفلسطيني في الداخل تجاه مناهضة هذه الآفة، إذ أكدت من جهتها على أن "الطريق ما زالت طويلة، وحتى يومنا هذا وعلى الرغم من الوضع المأساوي الموجود إلا أن قضيّة مناهضة قتل النساء ليست على سلّم أولويّات القيادة في المجتمع، السياسيّة منها والمجتمعيّة، وأكبر دليل على ذلك هو تغيّب كلّ من مازن غنايم، رئيس اللجنة القطريّة لانشغاله بأمور أخرى، ومحمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربيّة في الداخل، لأنه لا يشارك بحلقات نقاش إنما فقط بافتتاح المؤتمرات على حدّ قوله".
ودار النقاش، بمُشاركة النائبة عن القائمة المُشتركة، حنين زعبي، حول دور النوّاب في القائمة المُشتركة في هذه القضيّة، إذ أشارت إلى أنه فعلاً هنالك قضايا عليها خلاف وقضايا أخرى لم تُعالج كما يجب، وأنه يوجد ضرورة لوجود خطّة عمل حقيقيّة لمناهضة العنف في مجتمعنا عامّة، وقتل النساء خاصّة، و التواصل مع الجمهور والمجتمع في هذه الحالة. كما وشددت على ضرورة اتباع وإيجاد طرق عمل بديلة لأن الطرق التقليديّة لم تحقق أي إنجاز، خاصّة فيما يتعلّق بالدولة ومؤسساتها عامّة وجهاز الشرطة خاصّة.
من جهتها، تحدّثت صفا شحادة، عضو لجنة مناهضة قتل النساء ومديرة جمعيّة معًا، حول صعوبة بناء وتطوير تعاون بين اللجنة والهيئات الرسميّة المختلفة في مجتمعنا، رغم المبادرات والتوجهات العديدة التي قامت بها اللجنة، إضافة إلى التحدّيات الصعوبات التي تواجهها اللجنة على الصعيد المجتمعي والسياسي، معللّة بذلك أسباب عدم إحراز تقدّم ملحوظ في معالجة هذه القضيّة حتى الآن. وأكدت شحادة أنه على اللجنة مواصلة المحاولات لخلق التعاون المنشود من أجل ضمان الاستدامة في العمل وتحقيق إنجازات ملموسة.
في المحور الثاني، دار نقاش حول دور الصحافة والإعلام من ظاهرة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني، بمُشاركة مُيسّرة المحور، رئيسة الهيئة الإداريّة لجمعيّة بلدنا، مريم فرح، وخلود مصالحة، مركزة مشاريع جمعيّة إعلام، ورامي منصور، رئيس تحرير موقع عرب 48، ومقبولة نصّار، إعلاميّة في راديو الشمس و"سيحا مكوميت"، ووديع عواودة، كاتب وصحفي.
افتتحت المُيسّرة مريم فرح المحور قائلة إن " الإعلام الفلسطيني المحلّي في الداخل محكوم بمنظومتين هامتين، الأولى منظومة الاحتلال والاستعمار التي تفرض رقابتها، والثانية هي المنظومة الرقابية الموجودة في كل العالم، المنظومة الذكورية والأبويّة، كل هذه العوامل هي التي تشكل صورة المرأة الفلسطينيّة في الإعلام".
ودار النقاش حول تغييب المرأة من الإعلام المكتوب تحديدًا، في حين تُشير الاحصائيّات إلى أن 45% من مجتمعنا يقرأ الصحف المكتوبة، وأكثر من 50% منهم هنّ نساء. وإحصائيّات أخرى تُشير إلى أنه من بين 3213 مقالا في الصحافة المحليّة المكتوبة، بإمكاننا أن نجد فقط 677 مقالا من بينها يتوجّه للنساء، وتظهر المرأة في هذه المقالات كأنها لا تملك رأيًا سائدًا، وبعيدة عن أن تكون متحدّثة رسميّة أو أخصائيّة إلا في الحالات النادرة. إضافة إلى أن غالبًا ما يكون تواجد المرأة في الإعلام يقتصر على زوايا الموضة والطبخ والتربية، مما يغذّي الصورة النمطيّة ولا يطرح قضيّة المرأة الجوهريّة.
وتطرّق المشاركون أيضًا إلى دور الإعلام الفلسطيني المحلّي تجاه قضيّة مناهضة قتل النساء تحديدًا، وبناء الصورة الصحيحة للمرأة العربيّة في الإعلام من خلال كيفيّة استخدام الكلمات ونقل الخبر بدقّة وكتابة الأخبار والمقالات بشكل نقد بناء يعود بالفائدة على الوعي المجتمعي، وإلى التعاون بين وسائل الإعلام والجمعيّات المجتمع المدني والجمعيّات النسائيّة تحديدًا للمساهمة في تغيير الواقع.